كلنا الوطن
kolonaalwatan
kolonaalwatan
kolonaalwatan
أهم الأخبار

كتبت أ.د. غادة محمد عامر: كيف قد تضرب الموساد الإسرائيلي داخل إيران ”النظم الذكية وراء اغتيال إسماعيل هنية”

لقد أعلنت الموساد الإسرائيلي منذ فترة أنها ليست قادرة فقط على جمع المعلومات الاستخباراتية داخل إيران، بل إنها قادرة أيضًا على القبض على عملاء العدو واستجوابهم على الأراضي الإيرانية. وبالفعل قامت إسرائيل بتنفيذ عمليات اغتيال متعددة وضربات بطائرات بدون طيار وعمليات استخبارات على الأراضي الإيرانية، وهي حقيقة أثيرت عندما اضطر مسؤول إسرائيلي إلى توضيح أن إسرائيل لم تكن متورطة في وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي توفي في حادث تحطم مروحية. لكن الحقيقة أن وكالة التجسس الإسرائيلية الموساد نفذت عمليات اغتيال متعددة وعمليات استخبارات داخل إيران في الماضي. ففي نوفمبر 2020م، قُتل العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، الذي اعتقدت المخابرات الغربية والإسرائيلية أنه والد برنامج الأسلحة النووية الإيراني المشتبه به، في هجوم على جانب الطريق خارج طهران. وألقت إيران باللوم على إسرائيل وجماعة معارضة منفية، ووصفت مقتل فخري زاده بأنه نوع جديد من "العمليات المعقدة". وفي حديثه للتلفزيون الرسمي الإيراني، قال الأدميرال علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران، إن "العملية كانت معقدة للغاية، واستخدمت فيها معدات إلكترونية ولم يكن أحد موجودًا في مكان الحادث". قُتل فخري زاده باستخدام مدفع رشاش يعمل آليًا، تم تركيبه على شاحنة متوقفة على جانب الطريق، أثناء قيادته لسيارته. وبحسب ما ورد، نفذ القناص البشري الفعلي، الذي كان يتحكم في المدفع الرشاش، العملية من مكان غير معلوم على بعد أكثر من 1500 كيلومتر. بدأت إسرائيل بربط مدفع رشاش بجهاز روبوتي متقدم، مزود بالذكاء الاصطناعي ويتم تشغيله عبر الأقمار الصناعية. كان نقل هذا القاتل الآلي إلى موقع العملية أيضًا تحديًا في حد ذاته نظرًا لأنه يزن حوالي طن. لذلك، تم تفكيك مكوناته وتهريبها إلى إيران قطعة قطعة. ثم أعيد تجميعها، مع تركيب الروبوت في صندوق شاحنة صغيرة من طراز شائع في إيران. وكشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن هذه التفاصيل استناداً إلى معلومات من مصادر استخباراتية إسرائيلية. وبحسب تقرير نيويورك تايمز، كان لدى غرفة القيادة الإسرائيلية صورة كاملة للوضع على الأرض بفضل الشاحنة المزودة بكاميرات موجهة في اتجاهات متعددة. كما تم تزويد الشاحنة بالمتفجرات حتى يمكن تدميرها بعد العملية. وأخيرًا، تمت برمجة الذكاء الاصطناعي الذي تم تجهيز الروبوت به للتعويض عن التأخير واهتزاز الشاحنة وسرعة سيارة فخري زاده. عندما اقترب الموكب، بما في ذلك سيارة فخري زاده، من مرمى الروبوت، تمكن المشغلون الإسرائيليون من التعرف بشكل إيجابي على العالم النووي باستخدام برنامج التعرف على الوجه. فتح المدفع الرشاش النار، مما أسفر عن مقتل فخري زاده. ووفقًا لتقرير نيويورك تايمز، انتهت العملية برمتها في أقل من دقيقة وتم إطلاق ما مجموعه خمسة عشر رصاصة. وتشير التقارير إلى أن المحققين الإيرانيين لاحظوا دقة العملية، حيث لم تصب أي رصاصة زوجة فخري زاده، التي كانت تجلس على بعد بوصات منه. كذلك يُعتقد أيضًا أن إسرائيل شاركت في ثماني حالات رئيسية على الأقل من الهجمات الإلكترونية على إيران، وكان أشهرها هجوم عام 2010 الذي تضمن فيروس استاكسنت، والذي تم العثور عليه لأول مرة في أجهزة الكمبيوتر في محطة نووية إيرانية. ووفقًا لتقديرات معهد العلوم والأمن الدولي، أدى هجوم الفيروس إلى تدمير ما لا يقل عن 1000 من أصل 9000 جهاز طرد مركزي موجود في منشأة تخصيب نطنز. ألقت إيران باللوم على إسرائيل والولايات المتحدة في الهجوم. كما ورد أن إسرائيل استخدمت طائرات بدون طيار انتحارية لضرب منشآت عسكرية في إيران، بما في ذلك مجمع بارشين العسكري الواقع بالقرب من طهران ومنشأة أخرى في أصفهان.

واليوم تم اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة في ايران، ونقلت وسائل إعلام عن المصادر قولها إن "الاغتيال تم بصاروخ موجّه نحو جسد هنية مباشرة". وهذا يمكن أن بكون وراءه تقنية "لافندر" التي تعمل بالذكاء الاصطناعي والتي استخدمها جيش الدفاع الإسرائيلي لاختيار أهدافه البشرية في حربه الأخيرة على الفلسطينيين، حيث خلق هذا البرنامج "قائمة قتل" في غزة، كان من ضمنهم 37 ألف فلسطيني تم استهدافهم بالاغتيال دون إشراف بشري يذكر. حيث لعب تقنية لافندر دورًا مركزيًا في القصف غير المسبوق للفلسطينيين، فبين 7 أكتوبر و24 نوفمبر، تم استخدامه فيما لا يقل عن 15 ألف جريمة قتل في الحرب على غزة، وفقًا لتحقيق صحفي أجرته مجلة +972 ومكالمة محلية، والتي تم نشرها في صحيفة الغارديان.

يعمل "لافندر" عن طريق مسح معلومات عن 90% من سكان غزة، (أكثر من 2.3 مليون شخص)، ويأخذ أيضا المعلومات من المعلومات التي تخزنها أجهزة المخابرات الإسرائيلية حيث إنها تقوم بجمع كافة أنواع البيانات عن الفلسطينيين منذ سنوات. فتتم معالجة وتخزين البصمة الرقمية لهواتفهم المحمولة، بدءًا من المواقع وحتى تفاعلات وسائل التواصل الاجتماعي. ايضا الكاميرات المزودة بأنظمة التعرف التلقائي على الوجه، وقد ذكرت صحيفة واشنطن بوست برنامج يسمى "الذئب الأزرق" " Blue Wolf " يهدف إلى تسجيل وجوه الفلسطينيين بما في ذلك الأطفال وكبار السن. تتم إضافة الأفراد إلى قاعدة بيانات مع معلومات تستخدمها برامج مثل "لافندر". ويمنح كل فرد تقييمًا يتراوح بين واحد إلى 100، وهو تقييم يمثل تعبيرًا عن احتمالية بأن ذلك الفرد هو عضو في المجموعة المستهدفة، فيُقتل الأفراد الحاصلون على درجات عالية مع عائلاتهم وجيرانهم. وذلك استنادًا إلى قائمة من الميزات الصغيرة التي تم تغذيته بها، وبعدها يقرر البرنامج بأن هذا الشخص مستهدف أم لا، فلو مستهدف يتم تمييزه بعلامة "لافندر". لذلك خلال الأسابيع الأولى بعد شهر أكتوبر، تم تمييز المستهدفين ذوي الرتب المنخفضة في حماس بعلامة "لافندر"، كذلك أعطى البرنامج لكل واحد منهم درجة يطلق عليها "درجة الأضرار الجانبية". ودرجة الاضرار الجانبية هذه تعني أنه مقابل استهداف كل هدف منخفض الرتبة تحدده لافندر، يُسمح بقتل 20 مدنيًا ، بغض النظر عن رتبته، بغض النظر عن أهميته، بغض النظر عن عمره. وقال أحد المصادر إن هناك أيضًا قاصرين تم وضع علامة عليهم، كذلك لا يوجد حد أقصى للعمر. وقالت المصادر إنه بالنسبة لكبار قادة حماس من قادة الألوية أو الفرق أو الكتائب كانت أرقام الضحايا للمدنيين المسموح بقتلهم لاجل استهداف الشخص في خانة الثلاثة أرقام، مثلا ما حدث لاستهداف قائد اللواء المركزي في حماس "أيمن نوفل"، قال مصدر شارك في الضربة ضد ذلك الشخص إن الجيش سمح بقتل 300 مدني فلسطيني إلى جانب ذلك الشخص. وقد إشارة جريدة +972 في تقرير لها أن أربعة مباني سكنية كبيرة جدًا تم قصفها في ذلك اليوم، ، وقصفت شقق بأكملها مليئة بالعائلات. وهذا ليس خطأ، بل إنه كان معروفًا مسبقًا للجيش الإسرائيلي. لقد قال التقرير سالف الذكر أن جيش دولة الاحتلال كان يعلم جيدا ان هذا سوف يحدث، وبالتالي عرف الجيش أن ما يقرب من 10٪ من الأشخاص الذين حددت الآلة أنهم سيُقتلون ليسوا من مقاتلي حماس، ولم يكونوا كذلك!

وباختصار لفهم أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تستخدمها دولة الاحتلال، يعمل نظام "لافندر" على تحديد هوية المشتبه بهم، بينما يحدد برنامج "الإنجيل" المباني والمرافق التي يُزعم أن المشتبه بهم يستخدمونها. وبرنامج "أين أبي؟" يقوم بمراقبة هذه الأهداف التي حددها برنامج "لافندر" وتنبيه الجيش بوجودهم داخل المباني أو المرافق التي حددها برنامج "أين أبي؟".

إن ما يحدث يشكل خطرًا كبير على الإنسانية، فمثل هذه الحرب القائمة على الذكاء الاصطناعي تسمح للناس بالهروب من المساءلة. إنه يسمح بتحديد أهداف، في الواقع، على نطاق واسع، ويقوم بجرائم حرب وابادة جماعية دون أي مسائلة قانونية، بل أحيانا بمباركة المجتمع الدولي، وكله بحجة الدفاع عن النفس التي تتم باستخدام التزييف العميق، كما تفعل الان دولة الاحتلال!

موضوعات متعلقة