وائل الدحدوح...وتد من جبال فلسطين يأبى الكسر
وائل الدحدوح وتد قوى من جبال فلسطين، لم تكسره الآلام ولم يبعده استشهاد أبنائه وأحفاده أمامه، في كل مرة يفقد أحد أبنائه يعود أقوى من الأول، ليكون صوت فلسطين، وحامل حقيقة الأوضاع في غزة.
قوات الاحتلال الصهيوني جعلته وعائلته هدف تبحث عنه، وتريد أن تجتث هذا الجبل من جذوره، يستفذهم صموده وقوته، يحسون بضعفهم أمام هذا الصمود، هذا الصمود الذي ظهر في كل طفل فلسطيني قبل الشباب والشيوخ.
فقد وائل الدحدوح نجله الصحفي حمزة الدحدوح، بعد استهداف الاحتلال الإسرائيلي لمركبته أثناء التغطية الصحفية في رفح، فكما اتفقنا جعلوه وأسرته هدف، يريدون أن يروا الضعف في عينيه.
ولكن كل مرة يفاجئهم وائل الدحدوح بأن كل شىء حتى استشهاد أهله وأسرته وفلذة أكباده، لن يريهم منه ضعفا، فهو رجل جعل الله وجهته، واحتسب أجره عند الله، وبارك استشهاد أبنائه وزوجته وحفيده، فداء لنقطة تراب من أرض فلسطين.
الحقيقة أن وائل الدحدوح قد أظهر ضعفنا نحن أيضًا وقلة حيلتنا، فقد وضعنا أمام أنفسنا، فهذا الرجل عندما بكى قال إنه بكاء فراق الأحبة وليس الضعف والإنكسار، وقال أيضًا "ينتقموا منا بالأولاد معلش"، وكل هذا لم يثنيه لحظة من تأدية واجبه تجاه وطنه، يودع أبنائه ويعود لينقل الحقيقة دون هوادة أو خوف أو تراجع، يعمل وهو يعلم أن عدد من الصواريخ التي تسقط على غزة تبحث عنه بشكل شخصي.
وبالفعل تم استهدافه هو وزميله المصور سامر أبو دقة، الذي ظل ينزف ومحاصر في محيط مدرسة فرحانة لأكثر من 6 ساعات، ولم تتمكن سيارة الإسعاف من نقله حتى استشهد، رأى الدحدوح ذلك بأم عينه وعاشه وزحف مسافة كبيرة جدًا وهو مصاب ليصل إلى الإسعاف، وعاد بعدها بأيام قليلة يعمل وهو ما زال مصابًا، لأنه لا يتعامل مع عمله بأنه مجرد نقل للمعلومة، بل مساهمة في نضال الشعب الفسطيني.
ومشهد ابنته المتبقية من فلذة أكباده وهى تخاطبه بعد استشهاد أخيها أثناء عمله حمزة الدحدوح وهى تترجى أبيها بأن يعيش هو لها، يفطر قلب أي أب طبيعي، ولكنه كان يهدئ من روعها، وكأنه "يطبطب" على فلسطين بأكلمها.
نعتذرمنك أيها الزميل وائل الدحدوح، ونحتسبك جبل من جبال الجنة إن شاء الله ووتد من أوتاد فلسطين ، فأنت والد لثلاثة شهداء، وزوج لشهيدة، وجد شهيد، فهنيئًا لك هذه الكرامة من الله، ونعتذر منك كإنسان ونعزيك بكل جوارحنا في مصابك في فقدان أسرتك.