الشيخ محمد الجندي يكتب...لماذا لا يدخل كل الناس الجنة؟
كُنْتَ جَالِسا مَعَ مَجْمُوعَةٍ مِنْ اَلْأَوْلَادِ فِي اَلْمَسْجِدِ – فَأَنَا أَشْتَاقُ إِلَى لِقَاءِ اَلْأَطْفَالِ بِوَجْهٍ عَامٍّ لِمَا أَجِد مِنْ بَرَاءَةِ وَابْتِسَامِهِ وَصِدْقٍ دُونَ تَكَلُّفٍ أَوْ خَدَّاعٍ – وَكُنْتَ قَدْ حَضَرَتْ لَهُمْ دَرْسُ اَلْيَوْمِ عَنْ اَلْجَنَّةِ لِأَنَّهُمْ سَأَلُونِي أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ عَنْهَا فَهْمٌ يَحْفَظُونَ بَعْضُ اَلسُّورِ مِنْ اَلْقُرْآنِ اَلْكَرِيمِ فَيَسْمَعُونَ آيَاتٍ تَتَحَدَّثُ عَنْ اَلْجَنَّةِ فَأَصْبَحَتْ عِنْدُهُمْ مَجْمُوعَةٌ كَبِيرَةٌ مِنْ اَلْأَسْئِلَةِ حَوْلَ اَلْجَنَّةِ وَكُلَّمَا تَكَلَّمَتْ فِي مَوْضُوعٍ يُبَادِرُونَ بِالْأَسْئِلَةِ عَنْ اَلْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَنَّهُ مِنْ اَلْأَفْضَلِ أَنْ أَجْعَلَ لَهُمْ دَرْسُ كَامِلاً عَنْ اَلْجَنَّةِ لِأُطْفِئ بِهِ نَارُ اِشْتِيَاقُهُمْ إِلَى سَمَاعِ إِجَابَاتِ أَسْئِلَتِهِمْ اَلْمُتَجَدِّدَةِ عَنْ هَذَا اَلْمَوْضُوعِ اَلشَّائِقِ لَهُمْ حَيْثُ إِنَّ اَلْآبَاءَ وَالْأُمَّهَاتِ يَرْبُطُونَ فِعْلُ كُلِّ عَمَلِ صَالِحِ بِدُخُولِ اَلْجَنَّةِ فَجَلَسْتُ وَالْأَوْلَادَ كُلِّهِمْ اِشْتِيَاقٌ لِمَعْرِفَةِ تَفَاصِيلِ أَكْثَرَ عَنْ اَلْجَنَّةِ اَلَّتِي يَسْمَعُونَ عَنْهَا فِي كُلِّ مَكَانِ مَقَرَّاهُ اَلْقُرْآنَ وَالْمَسْجِدَ وَالْبَيْتَ وَكَالْعَادَةِ قَبْلَ أَنْ أَبْدَأَ فِي أَيِّ مَوْضُوعٍ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ أَذْكُرَ أَهَمِّيَّةُ اَلْمَوْضُوعِ لِأَجْذِب اِنْتِبَاهَهُمْ وَأَسْهَل طَرِيقٍ لِجَذْبِ اِنْتِبَاهِهِمْ تَوْضِيحَ أَنَّهُمْ يَنْقُصُهُمْ بَعْضُ اَلْمَعْلُومَاتِ عَنْ مَوْضُوعِ اَلْيَوْمِ أَيًّا كَانَ عُنْوَانُهُ فَأَقُومُ بَسَالَتُهُمْ عَنْ مَاذَا تَعَرَّفُوا عَنْ مَوْضُوعِ اَلْيَوْمِ ؟ لَأَعْرِف مِنْ أَيْنَ سَأَبْدَأُ وَاجْعَلْ اَلْحَمَاسَ وَالْفَرْحَةَ تَظْهَرُ عَلَيْهِمْ فَهْمٌ يَتَبَاهَوْنَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِمَنْ أَجَابَ عَلِي اِسْأَلْهُ أَكْثَر أَوْ كَانَ يَعْرِفُ أَكْثَرَ مِنْ اَلْآخَرِ أَمَامَ أَهْلِهِمْ وَأَقَارِبِهِمْ وَبِالْأَحْرَى اَلْوَالِدَانِ فَسَأَلَتْ اَلسُّؤَالَ اَلسَّابِقَ : مَاذَا تَعَرَّفُوا عَنْ مَوْضُوعِ اَلْيَوْمِ ؟ فَوَجَدَتْ أَنَّ عَمَّارْ 5 سَنَوَاتِ حَرِيصٍ عَلَى أَنْ يُجِيبَ وَأَنْ يَكُونَ أَوَّلَ مُتَكَلِّمٍ فَلِبَيْتِ لَهُ طَلَبُهُ بِأَنْ يَكُونَ اَلْأَوَّلَ فِي اَلْإِجَابَةِ فَقَالَ عَمَّارْ : شَيْخِي يَخْتَارُ بِبَالِي سُؤَالاً لَمْ يُجِبْنِي عَلَيْهِ أَحَدِ فَكُلَّمَا سَأَلَتْ قِيلَ لِي اُسْكُتْ أَوْ كَانَتْ اَلْإِجَابَةُ بِضَحِكٍ دَوَّنَ سَبَبٌ وَلَا أَفْهَمُ لِمَاذَا ؟ لَا أَجَابَهُ لِسُؤَالِي مَعَ أَنَّنِي أَرَاهُ سُؤَالاً صَحِيحًا لَا خَطَأ فِيهِ فَقُلْتَ لَهُ : مَا هُوَ هَذَا اَلسُّؤَالِ اَلَّذِي شَغَلَ بَالُكَ لِهَذِهِ اَلدَّرَجَةِ ؟ قَالَ عَمَّارْ : لِمَاذَا لَا يَدْخُلُ كُلُّ اَلنَّاسِ اَلْجَنَّةِ ؟ قَلَّتْ : سُؤَالُكَ جَمِيلٌ جِدًّا يَا عَمَّارْ – فَفَرِحَ عَمَّارْ لِأَنَّهُ يَعْرِفُ أَنَّنِي سَأَبْدَأُ فِي اَلْإِجَابَةِ فَلَنْ أَسْخَرَ أَوْ اِضْحَكْ عَلَى سُؤَالِهِ كَمَا فَعَلَ اَلْأُخْرَيَيْنِ – فَسُؤَالَكَ يُظْهِرُ طَيِّبٌ قَلْبَكَ فَاَللَّهُ خَلَقَنَا فِي هَذِهِ اَلدُّنْيَا لِاخْتِبَارِنَا فَنَحْنُ اَلْآنَ فِي اِمْتِحَانٍ أَمَامَ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَيَظْهَر مِنْ مِنَّا اِجْتَهَدَ وَتَعَبٌ فِي طَاعَةِ اَللَّهِ لِيَفُوزَ بِالْجَنَّةِ – اِسْأَلْ اَللَّهَ اَلْعَظِيمَ رَبَّ اَلْعَرْشِ اَلْعَظِيمِ أَنْ نَكُونَ مِنْ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ جَمِيعًا – فَلَا بِتَسَاوِي مِنْ اِجْتَهَدَ فِي اَلْعِبَادَاتِ مَعَ مِنْ تَكَاسُلِ عَنْهَا وَاَللَّهِ سُبْحَانَهُ اِرْحَمْ بِالنَّاسِ مِنْ أُمَّهَاتِهِمْ فَكَانَ اَلصَّحَابَةُ مَعَ اَلنَّبِيِّ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَاوٍ اِمْرَأَةٍ مَلْهُوفَةٍ تَبْحَثُ عَنْ وَلَدِهَا فَلَمَّا وَجَدَّتهَ ضَمَّتْهُ إِلَيْهَا فَبَيْنِ اَلنَّبِيِّ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ - رَحِمَهُ اَللَّهُ - بِالنَّاسِ أَكْبَرَ مِنْ رَحْمَةِ اَلْأُمِّ بِوَلَدِهَا وَبَيَّنَ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ اَللَّهَ قِسْمَ اَلرَّحْمَةِ إِلَى مِائَةِ جُزْءِ فَأَنْزَلَ جُزْءٌ وَاحِدٌ إِلَى اَلدُّنْيَا وَتَرَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةُ وَتَسْعَوْنَ جُزْءًا فَكُلِّ مَا تَرَاهُ فِي اَلدُّنْيَا مِنْ رَحِمَهُ هُوَ جُزْءٌ مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ مِنْ اَلرَّحْمَةِ لَكِنْ مِنْ اَلنَّاسِ مِنْ يَظْلِمُ أُمًّا يَظْلِمَ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرِهِ بِأَفْعَالِ مُخْتَلِفَةٍ فَاَللَّهِ سُبْحَانَهُ يَجْعَلُ لَهُمْ أَشْكَالاً وَأَنْوَاعَ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ اَلْعِقَابِ فِي اَلدُّنْيَا حَتَّى يَكُفُّوا عَنْ اَلظُّلْمِ وَفَعَلَ اَلْمَعَاصِيَ وَالذُّنُوبَ فَإِنَّ لَمْ يَتَوَقَّفُوا عَنْ اَلظُّلْمِ أَدْخَلَهُمْ اَللَّهُ اَلنَّارَ جُزْءًا لَهُمْ عَلَى مَا فَعَلُوهُ مِنْ ظُلْمٍ فاللهم اجعلنا من اهل الجنه برحمتك وفضلك وتوفيقك يا كريم الشيخ محمد مصطفى ظاهر الجندي باحث دكتوراه في الشريعه الاسلاميه