كلنا الوطن
kolonaalwatan
kolonaalwatan
kolonaalwatan
أهم الأخبار

محمد دياب يكتب : هل تستطيع أن تنزع الفلاح من الريف ؟

محمد دياب
محمد دياب

لطالما كانت العلاقة بين الإنسان وبيئته علاقة وطيدة لا يمكن فصلها بسهولة. هذه العلاقة تتجلى بشكل واضح في حياة الفلاحين الذين يعيشون في الريف. الفلاح ليس مجرد مهنة إنها نمط حياة طريقة تفكير وتراث ثقافي يمتد لآلاف السنين. ومع تغير الزمن وظهور فرص جديدة في المدن قد يترك الفلاح الريف بحثًا عن حياة أفضل لكن روح الريف تبقى معه أينما ذهب

فالريف هو المكان الذي يتعلم فيه قيم العمل الجاد والصبر. الحياة في الريف تعتمد بشكل كبير على الطبيعة ودوراتها، مما يجعله مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالأرض والسماء. هذا الارتباط يعلمه تقدير البساطة والجمال في الحياة ويمنحه شعورًا بالرضا الداخلي الذي قد لا يجده في أي مكان آخر فالريف هو مكان تعلم فيه كيفية التعامل مع التحديات اليومية مثل تغيرات الطقس والمواسم الزراعية وأهمية التعاون بين أفراد المجتمع

وعندما ينتقل إلى المدينة يبحث عن فرص جديدة لتحسين حياته وحياة أسرته. قد يجد وظائف في المصانع أو الشركات أو حتى ينشئ

أعماله الخاصة. وعلى الرغم من أن المدينة توفر له فرصًا اقتصادية وتعليمية أفضل إلا أنه يحمل ذكريات الريف وتعاليمه فهو يجد في المدينة نمط حياة مختلف تمامًا حياة سريعة مكدسة ومليئة بالضغوط. ومع ذلك يبقى محتفظًا بالقيم التي تعلمها في الريف مثل الصدق والأمانة والكرم

فالريف ليس مجرد مكان جغرافي إنه حالة ذهنية وذكريات تتغلغل في روحه. حتى بعد الانتقال إلى المدينة يبقى هكذا متمسكًا بعاداته وتقاليده التي نشأ عليها ويحاول إعادة خلق أجواء الريف في منزله من خلال زراعة النباتات في الحدائق الصغيرة أو البلكونه وتحضير الأطعمة التقليدية التي تعلمها من أجداده . كما يحاول نقل هذه القيم إلى أبنائه، ليبقوا متصلين بجذورهم رغم الحياة في المدينة. فالريف يُعلّمه التواضع والصبر وهاتان الصفتان تبقيان معه أينما ذهب

بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها في المدينة فهو يواجه تحدي الحفاظ على هويته الريفية. في ظل التغيرات السريعة والمتطلبات الحضرية فهو يمكن أن يشعر بالغربة والحنين إلى الريف. يجد نفسه محاطًا بتقاليد وعادات جديدة قد تبدو غريبة أو صعبة التكيف معها. ومع ذلك، يحاول إيجاد التوازن بين التكيف مع الحياة الجديدة والاحتفاظ بجذوره الثقافية

فيبقى الريف دائمًا ملاذًا يعود إليه في الأوقات الصعبة. الريف ليس فقط مكانًا للعيش، بل هو مكان يمكن أن يعود إليه ليجدد نشاطه ويعيد الاتصال بجذوره. يعود إلى الريف لزيارة العائلة والأصدقاء ليشارك في الفعاليات التقليدية وليتذكر الأوقات التي عاشها هناك فالريف يمثل له السلام والهدوء والسكينة التي يفتقدها في صخب المدينة

وفى النهايه احب ان اقول انك"تستطيع أن تنزع الفلاح من الريف لكنك لا تستطيع أن تنزع الريف من الفلاح" فهى مقولة تُعبر عن الحقيقة العميقة بأن البيئة التي نشأ فيها الإنسان تشكل جزءًا لا يتجزأ من هويته. فالريف ليس مجرد مكان إنه جزء من الروح التي تتبعه أينما ذهب. هذه الروح تجعله متمسكًا بجذوره وتراثه وتمنحه القوة لمواجهة تحديات الحياة الجديدة . إن الانتقال إلى المدينة قد يغير من مظهر حياة الفلاح، لكنه لن يستطيع أبدًا أن يغير جوهره الذي تُغذيه جذوره الريفية.